mc.amin Admin
عدد المساهمات : 346 تاريخ التسجيل : 29/08/2010 العمر : 28
| موضوع: ثــــــيـــر الحــــب .. الخميس سبتمبر 02, 2010 5:08 am | |
|
أثير الحب قصة قصيرة كتبها : أحمد كمال ( فيلسوف القصة ) دخلت بسرعة إلى المركز التجاري الكبير ، فالسماء ممطرة ، وسترتي غير واقية ، كان الزحام شديداً ، والبضائع وفيرة ، ولكني كنت أبحث عن شيء لا يباع منذ عشرات السنين ، فرحت أجول ، وأجول حتى تورمت قدمي ولم أعد قادراً على المشي ولا حتى الوقوف ، فارتميت باشتياق على أحد المقاعد أمام أحد المحلات ، وإذا بالكهرباء تنقطع ، ويصبح الضياء ممتنع ، لا شيء يمكن أن تبصره ، وامتزجت الأصوات ، بين صياح الدهشة ، وصراخ الخوف وبكاء الأطفال ، حتى أضاء أحدهم شمعة ، تلتها شمعة ، حتى أصبحت ألف وأربعمائة شمعة تضاء ، وبينما تبصر عينيا هذا الضياء ، إذا بي المح من بعيد ، سهم أرق من خيط العنكبوت ، وأقل سمك من جناح الفراشات صوبه أحدهم نحوي ثم راح ، وما استطعت منه الفكاك ، أصاب جسدي ، اخترق قلبي ، وضع علقة في رحمه ، أصابتني برعشة ، تلتها نشوة ، وغمرني شعور حقيقي بالميلاد ، فرحت أتلفت ذات اليسار وذات اليمين ، أبحث عن صاحبة السهم ، فإذا برسالة تلألأ في الهواء ، بلون فضي أخاذ ، لمستها بيدي ورحت أقرأها باهتمام ، مسطوراً فيها ( أحبك يا أيها الغبي منذ أول الزمان ؟! ) ارتسمت على شفتي ابتسامة خجل واستحياء ، فأغمضت عيني ، وقدحت عقلي ، وأبرقت بقلبي رسالة لها عبر الهواء ( من أنت أيتها البلهاء ؟! ) وسرعان ما عاد الرد بين طرفة عيني وخفقان قلبي ، رسالة تومض في الهواء ، تتهادى بألوان الطيف ، وينبعث منها عبير الأزهار ، استقبلتها باشتياق ، وقرأتها ( إن مرآة الحب عمياء ، وأنا كما قلت عني ،امرأة بلهاء ، فلا تلومني ، فاللوم على قلبي المشتاق ) فرحت أبرق لها من جديد ( أريد رؤيتك ؟ لماذا لي لا تظهرين ؟! ) فأبرقت عبر الأثير ، صورتها بحجم المحيط ، وجه طفولي كأنه ملاك ، يزينه شعر إلى الخصر أسود غير أي سواد ، وقليل من البني بمقدار ، عيناها واسعتان ، فيهما بريق ولمعان ، أنفها شامخ من زمن العنفوان ، وشفتاها تتدليان ، وبالخمر تجودان ، أسرعت أقبلها بلهفة ، فتلاشت صورتها ، وأبرقت على استحياء ، ( استحي أيها الإنسان ) فحملت الهواء بقبلة ليطبعها على شفتيها من عاشق لهفان ، فأخبرني الهواء إنه قد سلمها قبلتي ، وقد تلقتها بامتنان ، واحمرت وجنتاها خجلاً وحياء ، بينما أبرقت هي مدعية غضباً وعلامة استفهام ، فطلبت منها أن تعود ، وبالحب علي تجود ، أن ترتمي في أحضاني وتبقى إلى آخر الوجود ، فأبرقت نغمات ، خليط سيمفوني براق ، سمعته بإنصات ، تغلغل في كياني ، ودغدغ وجداني ، وراح قلبي يتراقص على نغماتها ، وراح الهواء بكل رقة يحملني لها ، وأنا أدور حول نفسي ، أتتبع جهاز رصدي ، حتى آتاني الهواء بها مثلي في الهواء محلقة ، تعانقنا باشتياق ، وزغرد الشمع ، وصفق الهواء ، والناس من حولنا مشدوهة ، عيونهم مبحلقة ، لا تصدق ما ترى ؟! وبرفق أنزلنا الهواء ، ولامست أقدامنا الأرض ، فرحنا نتراقص على نغمات سيمفونيتها ، ورحت أدور بها ، وأدور ، كطفل يريد أن يثور ، ويهفهف علي شعرها كأنه غيور ، وتلاحقت أنفاسها ، واشتد خفقان قلبها ، ولمع بريق عينيها ، وأنا لا زلت أدور ، وأدور ، أريد أن أفور ، ولا أخمد أبداً حتى الضمور ، والناس من حولنا تفسح لنا ممراً للعبور ، وإذا بنا خارج المركز ، والسماء تمطرنا ، والماء يبللنا ، وما اهتممنا ، ولكنا توقفنا في لحظة إدراك ، ثم أبينا إلا التلاقي ، فوقفت أمامي ، وارتمت بين ذراعي ، ورحنا نتراقص على نغمات سيمفونيتها ، كأننا في دنيا غير تلك الدنيا ، عبثنا بالماء كالأطفال ، وداعبنا المطر بمزيد من الماء ، حتى غدت الأرض بحيرة ، نتراقص على صفحتها بأطراف أنامل أقدامنا ، والناس ترقبنا من خلف الجدار الزجاجي الشفاف ، وترشني بالماء ، وأرش عليها بأكثر منها ، حتى عادت فجأة الكهرباء ، وأضاءت المركز التجاري الأنوار ، وتنبهنا لكل الرواد ، الذين كانوا ما بين معجب أو مستنكراً مغتاظ ، احمرتا وجنتانا من الخجل ، وسألنا الأرض ابتلاع ، ولكني مددت لها ذراعي فارتمت بينهما ، تسألني الحماية ، التصقت بي ، وألقت برأسها فوق كتفي ، تطلب الراحة ، فأحطتها بذراعي ، ورحت أدفئها بأنفاسي ، وأتحسس شعرها وأنا أهمس في أذنها ( لا تخافي ) ثم حملتها على ساعدي ، ورحت أخطوا بها صاعداً درجات المجد والرخاء ، وأنا اسمع الرجال في المتجر الكبير يصفقون ، والنساء يزغردون ، والأطفال يصفرون ، وأنا أقترب من النجوم . ،،،تمت ،،،
| |
|